----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
فكتبت في الشأن التونسي في حملة الإخوان للقضاء على من يخالفهم سياسيّا
لست من المتابعين للشأن الأردني لهذا لن أناقش ما جاء في
المقال عن الإخوان في الأردن و لكن ما شدّ انتباهي فيه هو التشابه بين الشأن
التونسي و الأردني في هذا الخصوص
اليوم أعتلى الإخوان في تونس هرم السلطة بعد فوزهم في الانتخابات
و ما كان لهم هذا لولا تحالفهم مع حزبين معارضين مدنيّين
بالطبع و كما أشار إليه الخوالدة لا يرى الإخوان
حرجا في التحالف مع هذا الطرف أو غيره كلّما إقتضى الأمر و لعلّهم يتذكّرون
تحالفهم مع قوى اليسار ضدّ بن علي في 18أكتوبر 2005 كما أنهم لا يرون
حرجا كذلك في نكران الجميل و الافتراء و تزييف الحقائق، فلطالما إتُّهم الإخوان
بالإزدواجيّة في الخطاب و هاهي تَثبت عليهم التهمة يوما بعد يوم، فهم في تونس ما
قبل الإنتخابات إدّعوا أنهم حزب سياسي مدني يدعو لمدنية الدولة و إذا بأنصارهم و
بعض كوادرهم تملأ ساحة المجلس التأسيسي تدعوا لتطبيق الشريعة و لكن بعد
الفوز في الإنتخابات و رغم تعارض هذا المبدأ مع ما وقع الإتفاق عليه مسبقا بينهم و
بين حليفيهم (حزب التكتل و حزب المؤتمر) و لطالما أنكروا ما نسب إليهم من عنف فإذا
بهم يمارسون العنف على من خالفهم الرأي من أحزاب ونقابات
لا خصومة لي مع الإخوان و أنا ممن يؤمن بأنّ
الديموقراطيّة لا تقوم على إقصاء حركة أو تيّار ما. بالعكس، إنّ شيطنة شقّ أو
إقصائه من شأنه أن يكسبه شعبيّة أكثر خاصّة إن أحسن التصرّف و إستغلال الموقف
هذا تقريبا ما وقع في تونس حيث لقيت حركة النهضة
الإسلامية تعاطفا كبيرا في الإنتخابات لا سيّما
أنّها في حملتها ركّزت على التنكيل بمناضليها
و الحال أنّ اليسار
ذاق شتّى أنواع التنكيل وهذا قبل ظهور الحركات الإسلامية في تونس أساسا
وعلى من يتساءل عن سبب العقوبات القاسية لمناضلي النهضة
مقارنة مع ما لقيه اليسار أن يتساءل عمّا كانت تسعى إليه الحركة من استيلاء على
الحكم و لو بالعنف و هذا بشهادة من أحد مؤسسيها الشيخ عبد الفتاح مورو و كذلك صلاح
الدين الجورشي الذي ترك الحركة منذ بعيد
إذا في تونس من كان يريد كسر شوكة الإخوان كان النظام
القمعي (الذي قمع الجميع) و لم يكن معارضيه و لا أقصد المعارضة الكرتونية التي لم
يعد لها مكان اليوم
اليوم و قد صارت الحركة في الحكم بعد ما يحلو للبعض
بتسميتها ثورة (و هي و إن كانت كذلك فعلا فلم يشارك فيها الإسلاميون..) هاهم
يتنكّرون لمعارضي النظام الذي قمعهم و يتهمونهم جزافا بالوقوف معه دون تقديم الدليل
على مزاعمهم
الإسلامييون اليوم و بعد الأحداث الأليمة التي وقعت في
مصر ليلة 6 ديسمبر حيث قام
أنصار النظام الجديد بفكّ إعتصام
اللبراليين أمام قصر الإتحادية بالقوّة
، و بعد
الإعتداء على مقرّ الإتحاد العام التونسي للشغل من طرف أنصار الحكومة في 4 ديسمبر
الماضي .. و لو كانوا الأغلبيّة، و لو وصلوا للحكم عبر صندوق الإقتراع، إلاّ أنّهم
في طريق مسدود لا ينبّأ بخير للبلاد و العباد بل هو طريق للفاشيّة .. و لا يخفى عن
أحد كيف وصل النازيون للحكم كذلك عبر صندوق الانتخابات
و كذلك وصل الإنفصاليون اليوم في إسبانيا
و هذا مؤشر سلبي و لكنه ناتج عن إختيار موسع لشريحة من الشعب مما لا شك فيه
في المقابل، و كما أشار إليه الخوالدة، المعارضة
التونسية كذلك لا مظلة تجمعها فتراها تتخبّط أمام التنظيم المحكم للحركة الإسلامية
التي إستولت على عقول البعض بالدعوة تارة و بالترهيب أخرى حيث صارت هي اليوم من
يشيطن اليسار متهمة إياه بمعاداة الدين و الهويّة
خلاصة قولي أنه لا يجدر التعاطف مع حزب أو مجموعة ما و
لا يجوز كذلك التغاضي عنها لو وقع التنكيل بها بحجة أنّ أفكارها لا تتوافق مع ما
نراه. من يدافع عن حقوق الإنسان يجدر به الدفاع عنها كلها و لا يجزئها
التعاطف مع الإخوان لأنهم مناضلون هُجّروا و نُكّل بهم و
التحالف معهم على هذا
الاساس هو أكبر خطئ أظنّ (وكذلك
التصويت لهم في الانتخابات حسب هذا التفكير الطفولي و العاطفي) المفروض الاختيار
وفقا لبرنامجهم السياسي والإقتصادي و الإجتماعي الذي أودّ أن يقدموه لنا بكلّ وضوح
و بكلّ أمانة
هم اليوم في السلطة، و بصراحة لا زلت أرى نفس الخيارات
السياسية و الإقتصادية للنظام السابق.. أمّا على المستوى الإجتماعي فالأيّام بيننا
...